من أجل كسر الجمود وإطلاق تحول ديمقراطي حقيقي في سورية..افتتاحية جريدة الحداثة
لقد آن الأوان للاعتراف بأنّ المرحلة الانتقالية في سورية، بصيغتها الحالية، وصلت إلى طريق مسدود. إنّ إدارة الأزمة بذات الأدوات القديمة، وإبقاء السلطة بيد نخبة ضيقة تتحكم بالقرار السياسي والاقتصادي، لم يؤدِّ إلا إلى تعميق الانقسامات، وتوسيع فجوة الثقة بين الشعب ومؤسسات الدولة، وإهدار فرص حقيقية للانتقال نحو المستقبل.
إنّ أي حديث عن الاستقرار أو التنمية في ظل تغييب التعددية السياسية، وتهميش القوى الوطنية الحية، لن يكون سوى وهم جديد يضاف إلى قائمة الأوهام التي أرهقت السوريين. لقد أثبتت التجربة أنّ الانفراد بالسلطة وتكميم الحياة العامة هما الوصفة الأكيدة لإعادة إنتاج الأزمة، لا لحلّها.
إنّ إعادة هيكلة المرحلة الانتقالية لم تعد مطلباً نخبوياً أو شعاراً سياسياً، بل ضرورة وطنية ملحّة. فلا بد من إعادة الاعتبار للطابع التشاركي الذي يمنح كل القوى المجتمعية والسياسية فرصة متكافئة في صناعة القرار. ولا بد من إرساء تعددية حقيقية لا تُختزل في واجهات شكلية، بل تقوم على تمثيل فعلي لمختلف الأطياف السورية، بعيداً عن الإقصاء أو الاحتكار.
إنّ حزب الحداثة يرى أنّ أي سلطة انتقالية لا تستند إلى قاعدة شاملة وشفافة وشرعية مجتمعية واسعة، لن تكون سوى استمرار لدوامة الفشل. والخيار اليوم واضح: إمّا أن تفتح أبواب المشاركة والتداول، أو أن يبقى الوطن أسيراً لأزمات متجددة تهدر طاقات أجياله القادمة.
إنّ سورية تستحق تحولاً ديمقراطياً حقيقياً، لا شعارات جوفاء. وتحقيق ذلك يبدأ من كسر احتكار السلطة، وإعادة بناء المرحلة الانتقالية على أسس العدالة، التعددية، والشراكة الوطنية الشاملة.