اعادة هيكلة جذرية للمرحلة الانتقالية في سورية هي الضامن الاساس و ربما الوحيد لبقاء سورية موحدة تتجه صوب تحقيق مستقبل كريم يعبر عن ارادة السوريين …افتتاحية جريدة الحداثة 

لعل ما شهدته البلاد من احداث مأساوية أثبت ان المرحلة الانتقالية في سورية، بصيغتها الحالية، وصلت إلى طريق مسدود. و إنّ إدارة شؤون البلاد بذات الأدوات القديمة، وإبقاء السلطة بيد طرف ايديولوجي يتحكم وحده بالقرار السياسي والاقتصادي، لم يؤدِّ إلا إلى تعميق الانقسامات، وتوسيع فجوة الثقة بين مكونات الشعب السوري وبينهم و بين ايمانهم بسورية الوطن و الدولة . .

إنّ أي حديث عن الاستقرار أو التنمية في ظل تغييب التعددية السياسية، و عدم الاعتراف بالاخر الاثني و الديني و المذهبي ، لن يكون سوى وهم و ختل يضاف إلى قائمة التيه وسلة الازمات التي أرهقت السوريين وافقدت العديد منهم الايمان بالمستقبل الحر الذي تطلعوا اليه . لقد أثبتت التجربة أنّ الانفراد بالسلطة و هيكلة مؤسسات الدولة على القد الايديولوجي للقوى العسكرية التي أسقطت نظام الاسدية الاحرامي اضافة الى نعقيم الحياة العامة من ممارسة السياسة هما الوصفة الأكيدة لإعادة إنتاج مرحلة الاستبداد و ليس تجاوزها .

و بالتالي فإن بناء قوى السلطة الحالية لمقاربة سياسية جديدة تشمل عموم المرحلة الانتقالية لم تعد ترفا يتعلق بالديمقراطية وصوابية التعاطي السياسي بل ضرورة ذات بعد وجودي ،يتم بموجب تحققها خلق مسار آمن نحو تحقيق اهداف السوريين في الكرامة و الحرية و العدالة الاجتماعية و لا بديل عن ذلك الى تفجير الوجود السوري برمته انسانا و ارضا ومقدرات .

 وان أي سلطة انتقالية لا تستند إلى قاعدة اجتماعية واسعة ، تعددية سياسيا و اثنيا و دينيا ، شفافة وشرعية ، لن تكون سوى استمرار لدوامة الفشل و الانفلاش و الاحتراب الاهلي واعادة اشعال لفتيل العنف الذي ما زال يتنقل و يضرب البيئات السورية الواحدة تلو الاخرى . والخيار اليوم واضح: إمّا أن تفتح أبواب التشاركية و التعددية و الحريات السياسية ، أو أن يبقى الوطن السوري أسيراً لأزمات متجددة تهدر طاقات مجتمعه الحالي و أجياله القادمة.

إنّ سورية بعد تضحيات شعبها في عنلية اقتلاع اكثر من خمس عقود من الاستبداد تستحق تحولاً ديمقراطياً شاملا ، تستحق ان تكون حرة بانسانها كريمة باحترام حقوقه و صونها ، لا تخبطا و عنفا واجترارا لمرحلة الاسدية في لبوس جديد . وتحقيق ذلك لن يكون الا كسر احتكار السلطة، عبر اعادة بناء مؤسساتها الاساسية على قاعدة شموليتها التعدد و الانوع السوري السياسي و الاثني و الديني ، و بالتالي وإعادة بناء المرحلة الانتقالية على أسس العدالة، التعددية، والشراكة الوطنية الشاملة.

هيئة تحرير جريدة الحداثة الالكترونية 

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى
Translate