الافتتاحية : هل تفيد فتوى إسلامية رسمية في إيقاف العنف وحماية العلويين من حملات ابادة جديدة ؟

وصلت للحزب عدة اقتراحات بعضها داخلي من طرف بعض الزملاء و بعضها من خارج الحزب من بعض اصدقائه و القريبين منه ، تطلب منه ان يخاطب مؤسسات الفتوى في سورية و بعض الدول العربية و الاسلامية ذات التأثير في الوضع السوري ، و يطلب منها إصدار فتاوي رسمية تحرم استهداف اهلنا العلويين السوريين وارتكاب الجرائم  بحقهم ، و قد تلقف مجلس الادارة السياسيين حزب الحداثة هذه المقترحات و من ثم درسها بعناية ،ووجد بعد مداولات بينية مكثفة بأن لاجدوى بمثل هذه المطالبة شكلا و موضوعا و لاسباب عديدة نكثفها تبعا لما يلي:

 أ : هناك تعارض مركب مفاده ان حزب الحداثة و الديمقراطية لسورية حزب علماني ديمقراطي ، مؤمن بفصل الروحي عن الزمني ، غير معترف به من قبل النظام الحالي ،و لا يجوز و الحال هذه ، من حيث الشكل ، ان يعول، ناهيكم ان يبادر،  فيوجه نداء  الى مؤسسة (دينية/روحية ) أولا و رسمية( تتبع) لذلك النظام ثانيا .

ب : إن السبب المباشر لجرائم الابادة التي حصلت في اذار الماضي ،اصله سياسي عسكري ، مرتبط بشكل و بنية السلطة الحالية و  عدم انضباطية القوى العسكرية النافذة و غير المتجانسة وعدم مركزية القرار فيها  ، و حيث ان غالبية التقارير الواردة حول هذه الجرائم تقول بأن معظم مرتكبي الابادة هما اما جهاديين اجانب (لم تقم السلطة حتى الان بترحيلهم عن البلاد و لا يبدو انها تلوي على ذلك ) او فصائل عنيفة منفلتة ، رثة و عميلة و محسوبة علي جهات اقليمية لازالت منخرطة بالشأن السوري ،عرفت برثاثتها وبنهمها لأعمال السلب الانتهاكات وولوغها بالدم دون رادع (وهي باتت تشغل في معظمها مواقع عسكرية وسياسية رئيسية في تركيبة الجيش و السلطة الجديدة )، بالتالي في ظل مثل هذه الشروط ، لا يمنع حصول جرائم مستقبلية الا احداث تغيير في بنية و تركيبة هذه السلطة ، من خلال خلق عوامل كبح عسكرية و سياسية  ملموسة و حاسمة تمنعها عن ذلك .

ج : اعتبار ان للفتوى التي نطالب بها قيمة او اساس في منع حصول  جرائم ابادة مشابهة امر يستبطن عدم حيازة معرفة  كافية بطبيعة الاسلام السني و دينامياته الداخلية ، فهو ليس خطا فقهيا واحدا و منسجما ، ففيه السني المنشد الى المذاهب الاربعة وفيه الاشاعرة والصوفية ، فيه السلفي والسلفي الجهادي و التكفيري ..الخ .و المعنيين اساسا بالجرائم التي حصلت في الساحل السوري ،مرتكبيها و من يقف خلفها ، هم ممن لا يقيمون وزنا لفتوى سارية الرفاعي او لفتوى شيخ الأزهر المحسوبين ولا لفتاوى مجلس كبار العلماء السعودي الأقرب للاسلام السني التقليدي المرتبط بالمذاهب الاربعة لا سيما المذهب الحنبلي ، فهؤلاء اما ممن لا تحركهم نوازع سنية معتدلة كالجهاديين الاجانب التكفيريين )  او غير ملتزمين اساسا بالمقولات الدينية  العامة كالحمزات و العمشات المتداول عنهم سلوك قتل و لصوصية رثة .

د : ان مقاومة المفتي حتى الان باصدار هذه الفتوى التي ان لم تنفع فهي لن تضر مرجعه ان دار الإفتاء السورية انما هي مؤسسة رسمية تتبع للسلطة و الحكومة و هذه الأخيرة هي صاحبة الامر و النهي فيها ، و الحكومة ان وافقت على إصدار مثل هذه الفتوى الان فهي كانها تعترف بشبهة  ان الاسلام السني فيه ما يدعو لقتل المختلف مذهبيا عنه ،او انها   اما كانت مقصرة و غير واعية بمخاطر استهداف العلويبن او هي متواطئة مع هذه الاستهدافات و لذلك لم تتخذ اجراءات تمنعها ..وهو بالتاكيد ما لا ترغب في ذيوعه وانتشاره …

و نؤكد اخيرا اننا لا نرى ضيرا في إصدار فتوى رسمية تحرم التعرض للعلويين السوريين بزي جريمة و من اي نوع و لا في مطالبة موسسات مجتمع مدني حقوقية او شخصيات عامة بذلك،لكننا نؤكد على ان ما يمنع الايادة و الاستهداف النفسي و المعنوي لاهلنا العلويبن ليست الفتوى حتى و لو صدرت و استجابت الحكومة و المفتي للمطالب المتزايدة باصدارها ، انما و كما أسلفنا أعلاه  انتهاج سياسات وتوفير اليات و اوضاع سياسية و عسكرية و امنية تكبح و تمنع حصولها ، و لا يتجاوز دورنا نحن في حزب الحداثة و الديمقراطية اذا اردنا ان نكون فاعلين رئيسيين في تصليب وضع اهلنا العلويبن و كبح جرائم الابادة بحقهم و حمايتهم وفي ترسيخ السلم الاهلي في عموم. البلاد ، …لا يتجاوز موضوع التلويح بعوامل كبح استهداف العلويبن السياسية العسكرية و الأمنية و الإعلان عنها للحكومة و الرأي العام و المطالبة بتوفيرها و هو ما قمنا به و نقوم به الآن ، اضافة الى تعظيم انتشارنا التنظيمي وتوسيع الحامل الاجتماعي لخطاب الحزب السياسي ، الامر الذي يضمن لنا حيازة الفاعلية و احداث التأثير  في الوضع العام للبلد و في حماية اهلنا العلويبن وفي تعزيز السلم الاهلي والوصول بالبلاد الى الحالة التعددية الديمقراطية من زاوية سياسية بحتة .

السلام و الحرية و الرفاه لسورية و السوريين .

مجلس الإدارة السياسي

حزب الحداثة و الديمقراطية لسورية

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى
Translate