بمناسبة الذكرى الرابعة و العشرين لتاسيس حزب الحداثة و الديمقراطية …. بيان
بعد اربع و عشرين عاما على تاسيس حزب الحداثة و الديمقراطية لسورية تحل للمرة الأولى ذكرى تاسيس الحزب ، وسورية دون بشار الاسد . تحل وقد انتهت حقبة كانت الاسوأ في تاريخ البلاد منذ تاسيس الدولة الحديثة فيها و جلاء المستعمر الفرنسي بل وربما من الاكثر سوءا في تاريخ سورية كله منذ ان كانت وعرف الانسان الحياة فيها .
الا ان الحزب ادرك منذ مراحل تأسيسه الاولى حين حمل مشروعه في تسعينيات القرن الماضي طلبة جامعيون يعكسون تنوع المجتمع السوري و تعدد انتماءاته الاثنية و الدينية و المذهبية ، ان سقوط النظام الاسدي لن يعني بالضرورة هزيمة الاستبداد على نحو جوهري و شامل في البلاد ، فهذا الاخير مرتبط بأزمة النظام المعرفي و نمط الشخص البشري السائد في سورية ، بحيث تتوفر بالبلاد تبعا لذلك قابلية بنيوية لظهور الاستبداد و تلقيه وتبنيه دون مقاومة كافية ،وحيث يسهل حصول انقسام مجتمعي عمودي متنه الرئيسي متعلق بالتعريف المختلف للسماء و الموقف منها ، و ما يتلو ذلك من انعكاس طبيعي على الموقف في الاجتماعي السياسي ، على نحو صراعي عالي التوتر وحار و موجع .
لقد وعى الحزب في مراحل بزوغه الاولى ان البلاد تعيش على لغم وجودي ،وان انفجاره مسألة وقت ، وان مهام الحزب ينبغي ان تتجاوز طابع التمثيل الذي تتطلبه الديمقراطية حين تكون مجرد صناديق اقتراع ، لتصل وتكون معنية بالديمقراطية ،بوصفها مركب قيمي متوازن ، تستقر في القلب منه ثقافة الانسان و حقوقه ، الامر الذي كان له عميق الاثر على رؤية الحزب و برنامجه التنظيمي و مساره العملي ، فكان طبيعيا ان يهتم استنادا لذلك ،بعملية خلق وتمكين الشخصية الديمقراطية في صفوفه ، وان يسعى للدفاع عن توافر اسس الخلق المجتمعي للديمقراطية بين السوريين ، لينهاهض الاستبداد السياسي بل والإستبداد في اوجهه الأعمق و في تجلياته المتصلة بكافة بنى المجتمع و الدولة في سورية ، ورغم انه كان يؤمن ان قوى العطالة و صلادة الوضع المستقر للاستبداد و قواه الموجودة في السلطة او العميقة في ثقافة البلاد ، انما تتطلب تطبيق قوى متناسبة معها و في اتجاه معاكس ، ما يعني توافر ابعاد مادية تدفع باتجاه حركة المجتمع السوري بعيدا عن الاستبداد ، الا ان الحزب وبحكم ضغط مرحلة الاستبداد الاسدي الذي تحول الى طغيان وتعقيد مرحلة الثورة عليه ، بقي بعيدا عن تملك تلك القوى و حيازتها ، فظل صوته ضعيفا و تأثيره محدودا ، الامر الذي يجعله في مرحلة النظام الحالي امام تحديات ذاتية و موضوعية متعددة ومركبة ، اهمها و اولها يستقر في الذاتي من حالته حيث اعادة ترتيب شؤون الحزب الداخلية وتجديد قياداته و مستوياته التنظيمية المختلفة و كذا أدواته بما ينسجم مع ثورات التواصل الاجتماعي و اليات الانتشار والتأثير في العام ، تلك التي تتطلب تناولا مختلفا و ذو اهمية جذرية في اداء الحزب و سلوكه و نشاطه العام . كل ذلك في سياق توفير الاسس المادية التي تسمح له بمناهضة قوى العطالة الذاتية تلك التي وان بدا أنها ضعفت بعد سقوط النظام الاسدي ، الا انها في الواقع لم تضعف ابدا ، وما حصل في الحقيقة هو تغير في توزيع مراكز القوة في البلاد و تغير في وجهات الاستبداد و صفاته ،دون اهمال ان التغيير الذي حصل كان بالفعل كسر لحالة الطغيان التي سادت بسبب ازمان حالة الاستبداد الاسدي ، حتى بات الان في متناول الحزب والمجتمع خلق هوامشها الخاصة بالحراك السياسي ومنع الحائزين الجدد على مراكز القوة في السلطة من تحويلها الى استبداد شامل و من ثم الى طغيان . ولذلك و بوحي مما سبق ،وبمناسبة الذكرى الرابعة و العشرين لتاسيس حزب الحداثة و الديمقراطية لسورية ومرور حوالي ثلاثين عاما على انطلاق صيرورة ظهوره ،بوصفه خطابا يحتاجه المجتمع السوري وينشد (حياة جديدة ديمقراطية )في سورية ، يؤكد على التالي :
١- ان الحزب لم يولد او يتأسس ليواجه استبداد النظام الاسدي فقط بل الاستبداد في كل اوجهه وتعدد مصادره ، و الثورة لديه لا تتحقق بسقوط نظام بشار الاسد، ،وانما تتحقق بتحقيق رهانات الثورة بالحرية و الكرامة و العدالة و دولة المواطنة التعددية الديمقراطية . لقد وجد الحزب لينهض بالشخصية السورية ويعمل على دمقرطة جوهرية للوضع السوري في اوسع تعريفات الديمقراطية وأكملها التصاقا بمفهوم الحرية ، ومهامه التي وضعها لنفسه هي ذاتها ، لم يزل متمسكا بها ، لا يعطلها او يغيرها وصول نظام جديد ،سيما وذلك النظام لا يعترف بالديمقراطية و يتحاشى التطرق و لو لفظا اليها ، نظام يظهر حتى الآن و كأنه يرى السوري على الارض ، كائنا دينيا يتعامل معه و يحاسبه او يكافئه ليس على سلوكه بل على اعتقاداته و نواياه ، نظام يبدو انه يرفض معارضي الاسد لانهم كانوا فقط معارضين للاستبداد ، يكره كلمة معارضة وما قد تمثله سياسيا ، يستهدف البسطاء و البيئة المذهبية للنظام السابق ،التي كانت هي من اولى ضحاياه ويحتفي بالعديد ممن شاركوا بالفساد و الابادة و الجريمة في حقبة الاسدية.
٢- سيبقى الحزب حاملا لقضاياه المصيرية ،يتصدى لمناهضة الاستبداد اينما كان و كيفما كان في سورية ،لدمقرطة الحال السوري ، للتأسيس لنظام معرفي حداثي و ديمقراطي هدفه و حامله ومحدده الانسان ، حريته و كرامته .
٣- سيعقد الحزب مؤتمره العام خلال اشهر قليلة قادمة ، سيعيد فيه بلورة ادواته ، سينتخب جيلا جديدا ليتولى رئاسته و مهام مجلس الادارة السياسي فيه،وسيعيد النظر بفعاليته التنظيمية بكافة مستوياتها ، سيحدد سبل ووجهة متابعة نضالاته بما يشكل استجابة لما يهجس به من امتلاك لنواصي التاثير في المجتمع بأسسها المادية قبل المعنوية .
كل عام و حزب الحداثة بخير ، ثابت على موضوعاته و مشروعه ، والى استمرار وتحقق .
كل عام و الحداثيون الديمقراطيون السوريون بخير و الشعب السوري بكافة مكوناته بخير .
كل عام والامل بسورية العظيمة الحرة.. سورية التعددية الديمقراطية.. سورية الانسان بالف خير.