هل التفسيرات الدينية مصدر عنف ضد الأطفال؟(٢)
في ظل نظام طالبان في أفغانستان لم يكن بإمكان الفتيات الذهاب إلى المدرسة
في غرب إفريقيا المُسلمة، ترتبطُ ممارسةُ “الصداق” (المهر) بعمل ديني بالنسة للآباء الذين يعطون بناتهم إلى أحد الأبرار (أحد أفراد العائلة الدينية) أو أحد أفراد عائلتهم، وهو ما ينجيهم من الذهاب إلى جهنم بعد الموت. ومن المؤكد أن هذه الممارسة إذا تمت من دون موافقة الفتاة، فهي مخالفة للقرآن الركيم.
الختان والتشويه الجنسي باسم الدين
الختانُ هو بتر الأعضاء التناسلية الأنثوية وتشويه الأعضاء التناسلية للفتيات أثناء طفولتهن، وهو ما يتم غالباً في ظل ظروف صحية بدائية. معظم السكان الذين يمارسون تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية في أفريقيا هم من المسلمين، لكن هذه الممارسة تنتشر أيضاً عند بعض المجتمعات المسيحية واليهودية. ومع ذلك لا يوجد أي مصدر ديني يذكر أو يدعم هذه العادة.
لا علاقة للختان بالأديان
فالأمر أكثر من مجرد تقاليد مرتبطة بالأسلاف، أو بمعتقدات شعبية، لاسيما وأنّ الختان كان يمارَس بالفعل قبل وصول المسيحية أو الإسلام. ففي الآونة الأخيرة، عارض زعماء دينيون، علناً، هذه التشويهات. هناك على سبيل المثال، السنغال أو مصر؛ حيث يقوم أئمة بتوعية السكان، وبالدعوة إلى حظر ووقف هذه الممارسات الخطيرة والعنيفة.
ولا شك أنّ عواقب الختان مأساوية للغاية. فقد تفارقُ الفتيات الصغيرات الحياة نتيجةً للنزيف أو العدوى، أو يُصَبن بفيروس نقص المناعة البشرية / الإيدز، أو يُعانين من آلام حادة، مادية، جسدية ونفسية.
مساهمة الدين من أجل الأطفال
الدين مهم جداً للعديد من المجتمعات، فهو يسمح للأطفال بتعلم القواعد الأخلاقية، وتقديم إجابات على أسئلتهم حول الحياة والموت، والعلاقات بين الناس، ومكانة الإنسان على الأرض، ومبادئ الخير والشر.. تقوم الأديان العظيمة على أساس الحكمة، والتضامن والعدالة بين الأفراد. كل هذا يُنقل إلى الأطفال من خلال الأسرة والمدرسة والمجتمع، لكي يصبحوا كائنات حكيمة ومحترمة.
دعم السلطات الدينية لحقوق الطفل
يمكن للسلطات الدينية أن تلعب دوراً مهماً في تحسين تطبيق حقوق الطفل. فبوصفهم أعضاء مؤثِّرين ومحترَمين في مجتمعاتهم المحلية، يمكن للقادة الدينيين أن يشجعوا على إجراءات التنمية وحماية الطفولة. كما لديهم أيضاً التأثير الضروري لوقف الممارسات والعادات، مصدر العنف أو التمييز ضد الأطفال.
في العالم تعمل العديد من الجمعيات الدينية بنشاط على تعزيز وترقية حقوق الطفل والدفاع عنها
يمكن للقادة الدينيين أن يصبحوا فاعلين في الدفاع عن حقوق الطفل. هذا على سبيل المثال، هو الحال في أفغانستان؛ حيث يتم ترقية وترويج تعليم الفتيات من خلال بعض القادة الدينيين. في إثيوبيا، افتتح أسبوع التوعية بفيروس نقص المناعة البشرية / الإيدز على يد زعماء دينيين؛ مسيحيين ومسلمين.
في العالم، تعمل العديد من الجمعيات الدينية بنشاط على تعزيز وترقية حقوق الطفل والدفاع عنها، مثل الإغاثة الإسلامية أو الإغاثة الكاثوليكية. وهذا يفسَّر كون أنّ الدفاع عن الطفل وحمايته راسخان كمبادئ فلسفية في معظم الأديان.
اليونيسيف والجمعيات الدينية وحقوق الطفل
تؤكد اليونيسف أنّ “الدين يلعب دوراً حيوياً، وهو في معظم البلدان النامية يشجع على الاندماج في الحياة الاجتماعية والثقافية… عدد ممثلي السلطات الدينية يفوق بكثير عدد العاملين في مجال الصحة. فهم على اتصال أقرب وأكثر انتظاماً مع جميع الفئات العمرية في المجتمع، وتحظى كلماتهم باحترام كبير. وفي المجتمعات التقليدية، غالباً ما تتمتع السلطات الدينية بنفوذ أكبر من نفوذ السلطات المحلية أو قادة المجتمعات الطائفية.
يمكن للسلطات الدينية أن تلعب دوراً مهماً في تحسين تطبيق حقوق الطفل
أصبحت الجمعيات الدينية والجماعات الدينية مجموعة شركاء مُهمّين لليونيسف، من أجل مصلحة الأطفال في جميع أنحاء العالم. وفي البلدان النامية، تتعاون اليونيسف بشكل وثيق مع المجتمعات الدينية – مع الجماعات البوذية والإسلامية، بقدر تعاونها مع مختلف فئات العقيدة المسيحية – التي تهتم عقيدتها بصحة ورفاه السكان، وخاصة الأطفال.
في جميع أنحاء العالم تعمل اليونيسف والجماعات الدينية جنباً إلى جنب لصالح الأطفال في إطار مجموعة واسعة من برامج حقوق الطفل.
هل يختار الأطفال دينهم؟
الدين جزءٌ من الحياة الحميمية للعائلات. يمكن للأطفال أن يكبروا مع والدين من دين واحد، أحياناً يكون أحدهما مؤمناً والآخر ليس كذلك. وهنا يبقى السؤال “كيف يكتسب الطفل معتقدَه الديني عندما يكون الوالدان من ديانتين مختلفين، وكيف يكبر ما بين ديانتين، وفي الأسرة الملحدة؟ وما هو دور الدين في الأسرة؟ وهذا ما سنحاول الإجابة عليه في تحليل قادم.
ترجمة مدني قصري.
حفريات-موقع حزب الحداثة.